- سقاف . كوم - http://www.saqaf.com -

البذرة والثمرة

[1]

في عالمنا المعاصر أضحت الصورة هي التي تتحدث وتعبر، عن الفكرة والرسالة، وربما صاحبتها عبارات تفسح المجال لإبراز المعنى المراد منها وفيها أو كي تفصح عن سر اختيارها وارتباطها، واليوم أحببت أن أشارك صورة حركت الخاطر لتدوين كلمات، أعادتني للكتابة والنشر عبر المدونة، وقد أسميتها: البذرة والثمرة

لعل معالم وجه الإنسان أقرب ما تكون لمشهد الثمرة التي تعكس أصل بذرتها، وغرسها، وريّها، وما أحاط بها من تفاصيل نشأتها، وكلما استوت هذه الثمرة ونضجت كانت هذه المعالم أبرز وأوضح، ومن خلال الوجه نتعرف إلى كامن نفس صاحبه، وإن تصنّع بأفعال خلاف ما فيه أو تقنّعَ بأشكال تحجب كامِناً لا يُبديه. ومن لطيف ما قرأت قول شعبة بن الحجاج: إني لأرى قفا الرجل فأعرف ما في قلبه، قيل له: فوجهه، قال تلك صحيفة تقرأ.

وصاحب الصورة حين رأيته لأول وهلة شعرت بأنه أحد الذين نسمع عنهم ونقرأ لهم ممن مضوا منذ مئات الأعوام، مثل: جلال الدين الرومي وصنوه كثير. . وكما أنه قد أعجبني سَمتُه وصمتُه فحين سمعت كلامه ومنطقه عجبت له وتعجبت، وأعجب من ذلك أن هذا أنموذجٌ متكرر في علماء بلاد القوقاز، لكنا إذا ربطنا فروع الشجرة بأصولها، اتضح لنا من أين أتت هذه الثمرة.

والعلمُ شجرة سقيها الدرس، وصاحب الصورة طلب العلم تحت الأقبية سرا إبّان الحكم الشيوعي الذي كان يعاقب حينها من يدرس العلوم الشرعية أو من يدرّسها بالقتل، وهو الذي فسر القرآن الكريم بلغة بلاده وشرح صحيح البخاري بها وهي بلد الإمام البخاري رحمه الله، ولما شحّت نسخ تفسيره القرآن باللغة الأوزبكية صرن بعض النساء يشترطن على خطابهن أن يكون المهر نسخة من هذا التفسير.

فالعلمُ رحِمٌ بين أهله، متصلون بنسبِ المعرفة، مرتبطون تلقياً وتبليغاً وتأدباً، وإن اختلفت ألسنتهم وألوانهم وبلدانهم. . ومثل هؤلاء الرجال كثير، ولكن ليست كل عينٍ ترى، ولعل المعنى قد وصل، و “من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين”..

محمد السقاف

.

الصورة: المفتي السابق وكبير علماء أوزبكستان فضيلة الشيخ محمد صادق محمد يوسف

* صِنوه: مثيله ونظيره

* شَحَّت: قَلَّت

* تحديث: إضافة طرف يسير من مناقب الشيخ حفظه الله