- سقاف . كوم - http://www.saqaf.com -

زيارتي لمنتدى الإعلام العربي العاشر

[1]

فاتني حضور اليوم الأول من منتدى الإعلام العربي العاشر في دبي والذي عنوانه: الإعلام العربي وعواصف التغيير، وكذلك الجلسة الأولى من اليوم الثاني ومع ذلك وجدته من الجيد والمفيد أن أضع ملخصا لهذه الزيارة من رؤية مدون شخصية حول الأشياء التي سمعتها والأشخاص الذين قابلتهم هناك

جلسات منتدى الإعلام العربي – اليوم الثاني

محور نظرة التزاوج أو الشراكة بين الإعلام الجديد والتقليدي:
فإذا كان العروسان “رايدين بعض” كما يقال في مصر أي راغبين في هذه الزيجة، فيا بخت من وفق رأسين في الحلال، والسؤال كيف ومتى؟ ولكن حتى يكون ذلك لا بد أن يتعرف العروسان على بعضهما ويعرفان أصلهما وفصلهما وماذا سينتج عن هذه الزيجة مستقبلا لا مجرد الارتباط لاعتبار ما يظهر للعموم منها بشكل عام.
وهنا يتبادر للذهن سؤال: من هي العروس؟ الإعلام الجديد أم الإعلام الاجتماعي التواصلي أم الإعلام الاجتماعي الجديد؟

محور “المقارنات والمفاضلات بين العروسين”:
من حيث تطابق المعلومة مع الواقع ودوافع نشرها وتداولها ومساحة التعبير للمتلقي في كل منهما، وأيهما يأتي أولا في التغطية والنشر؟ ومن الأقوى تأثيرا أو الأوسع انتشارا؟ والأكثر حظوة بوقت أفراد المجتمع؟

ولا ننسى كيف استفاد الإعلام التقليدي من أفراد الإعلام الاجتماعي الجديد كمراسلين يغطون ويصلون لأماكن لا يصلون إليها وفي التوقيت المهم وبالمجان، وكيف يقومون بالتحقق من المعلومة والبحث خلف مصداقيتها كونها من أفراد بأسمائهم الصريحة أو المستعارة، وخاصة عندما تكون مصادر وحيدة، وبعد ذا تم عرض مقطع مرئي لخبر بثته قناة الجزيرة لأحداث بتاريخ 6 مارس 2011 على أنه في صنعاء وهو حدث من العراق، ولخبر آخر بثته قناة العربية لأحداث من سوريا وهي من لبنان، مأخوذة من شام برس ولكن احد الحضور ألح على تصحيح المعلومة وأنها من شبكة شام.

وإذا كانت سياسة الجهة الإعلامية هي من تتحكم في سمة الخبر وطريقة إيراده فإنها تتبع سياسات أعلى فيما يقال وما لا يقال، والحفاظ على الراتب آخر الشهر، ولا عيب في هذا طالما لم يبطل حقا أو يكذب صدقا أو يزور واقعا، وكون الإعلام بكل أشكاله وفئاته يحترم ويحفظ حرمة النفس البشرية والمال والعرض، وأن يفرق أربابه بين الكسب والقوت وبين الرزق، “أيها الناس، إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه، فلا تستبطئوا الرزق، واتقوا الله أيها الناس، وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم” حديث شريف.

الخط الأحمر، انتبه: “منطقة محظورة” من الذي يضع هذه الضوابط، ويحدد ماذا يعتبر خلف أو قبل الخط الأحمر؟ وماهي مساحة الحرية في الرأي والتعبير؟ تساؤلات لا يزال الإعلام التقليدي لم يحدد إجاباتها، فهل يعود لنقطة التسييس للجهة الإعلامية، أو رغبة الجمهور، أو للإنتاج والإخراج؟ وسبق أن كتبت في تدوينة سابقة:

هذه الحرية لا تسمح لنا بالتعدي أو الإساءة بحجة ممارسة الحرية، ولنا في واقعة الرسوم الساخرة من شخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم خير شاهد على ذلك، فالحرية قيمة تابعة لقيمة عليا على رأس هرم الأخلاقيات والقيم: ألا وهي العدل، فالحرية نسبية والعدالة مطلقة.

ومن غير المنطق أن أكون حرا فيما أقول وأقدم من تجاوزات للخطوط الحمراء وتكون لك الحرية في النقد ولكن بضابط أن يكون أسلوبك مهذبا أو جيدا، فما لا يلزمك لا يلزم الآخرين، وأعجبني ما قالته د. رفيعة غباش من تغريدة حصة محمد [4] : “كل شيء قابل للعرض والطلب إلا الأخلاق”.
وحول اللغة العربية تحدث الإعلامي جورج قرداحي من تغريدة وفاء خلفان [5]: (جورج قرداحي ينصح دارسي الإعلام و الإعلاميين الشباب بإتقان اللغة العربية كأداة لإيصال رسالتهم)، من تغريدة ياسر الغسلان [6]: (جورج قرداحي أدعو المحطات لإعطاء خريجي المحطات لطلبة الاعلام و عدم الركون فقط على النجوم) ومن تغريدة بلقيس الهاشمي [7] : (جورج قرداحي: لدي اعتراض على عنوان الندوة الخطوط الحمراء ستبقى ولن تمحى ولن نستطيع فرض الاباحية الغربية)، على أن الغريب هو قراءة المتحدثين فقراتهم من ورقة.

وأجد في العقول العربية ما يكفي عن المعلبات المستوردة متى استثمرت ووظفت بشكل صحيح، وفي تقرير الشارع الحكيم مساحة بيضاء أو خضراء بل وبكل الألوان للمرح والتنوع والثقافة العامة بعيدا عن المحذور والمحظور متى استندنا إليه بالفهم الصحيح عن أهله.

أحد الأسئلة التي وجهت كانت عن الحياد بأنه سمة وصفة سلبية؟ وكانت إجابة الإعلامية منى الشاذلي ووافقها بعض المشاركين في المنصة أنه كلمة تم ابتذالها مما أخرجها عن مسارها ومفهومها، وذكرت كيف أنها لما وصلتها الأخبار عن المتظاهرين أنها خرجت للميدان تحققا وحيادا في نقل الخبر.

ولما سألت أستاذي عن الحياد والموضوعية؟ أجابني:

الحديث عن فترة الثورة في مصر، وما حصل في أروقة الإعلام وأهله وكيف أنها كانت خطوة لا رجعة فيها للكثير، بين تغطية ماهو واقع وماهو موقع عليه أن يقال، وكما قالت الشاذلي -من تغريدة ديانا ريان [10] أن: ( الثورة المصرية لم تكتمل بعد بشكلها الكامل )،  فهي بحاجة لتطور في مختلف المجالات والمسارات في المجتمع، وفي الإعلام -مثالا- ذكرت أن ميثاق المهنية الإعلامية لم يحدث ويطور منذ سنوات طويلة، ويضاف لذلك وضع توصيف محدث لمعايير الإعلام وأخلاقية المهنية، “حتى لا يصبح لدينا مجتمع كان يحكم بالباطل قهرا، إلى مجتمع يحكم بالباطل رضى”، وهنا دور كبير ينتظر الكنانة وأرضها وأبناءها لاستعادة دورها في الريادة في العالم العربي، وأن يكون بعين اعتبار الجميع النظر في المآلات، فما وقع في عدد من الأعوام قد يحتاج لمثله أو ضعفه لتغييره بالمعنى وبالشكل الصحيح البنّاء.

تأثير الإعلام الجديد والاجتماعي في الخبر

شكرا للمنتدى المتميز رعاية وتنظيما وخصوصا مريم بنت فهد [11] المديرة التنفيذية ومتطوعين للاستماع لهذا التنوع العربي، وللالتقاء بعدد من المتميزين على جانب المؤتمر، منهم د. ساجد العبدلي تحادثنا حول الإعلام الجديد وما قدم في الجلسة الرابعة وكيف أن الحديث -في المنتدى- كان عن الحركة الظاهرة أو نتائج الإعلام الجديد دون تفهم تأصيله وتاريخه أو مستقبله في ذاته والتشاركي مع الإعلام التقليدي وفرص استثماره بشكل موضوعي، وأن لا يكون وجوده ليكون موجودا، كما حصل من تعليق أوكتافيا نصر [12] لمنظمي المنتدى بوجود شاشة كبيرة تنقل ما يكتبه المغردون على تويتر عبر الهاش تاق لمجرد العرض دون أخذ أسئلة أو تعليقات منها، وعدم تفهم الفروقات الفعلية بين التقليدي والجديد.

أيضا التقيت بالكاتب ياسر الغسلان [13] وجمال بنون [14] ودار الحديث حول مصداقية النقل والاقتباسات الإعلامية، وأشار التقني أحمد الحسني [15] لإمكانية تطبيق برامج اكتشاف النقل المستخدم في الجامعات في المؤسسات البحثية والإعلامية، ثم الحديث عن الترجمة عموما والأبحاث خصوصا من لغة لأخرى، وكيف يفقد النص جزءا من قيمته، وأهمية الحفاظ على معنى النص المعنوي ومبنى النص الشكلي الأدبي. أيضا التقيت ياسر حارب [16] وأبوبكر الهاشمي [17] ومحمود الحوسني [18] ومروان المريسي [19] على عجالة ونسيت أن أسأله: “انت مصري يله” 🙂

في هذه التدوينة مثال واضح لتأثير الإعلام الاجتماعي والجديد في صياغة الخبر، وبالمثال يتضح المثال والفرق بين كل عروس:

وإجمالا لا يعيب الإعلام الاجتماعي الجديد كونه شخصيا أو فرديا بحجة تجريده من الاحترافية، بل قد يكون أقرب للمجتمع لكونه تفاعليا ومن منظارهم وبلغتهم عادةً ولا يتبع سياسة قسرية، وكذلك لا يعيب التقليدي بحجة عدم المصداقية اتباع سياسات ومعايير تتوافق مع أخلاقيات المهنة، وقد ابتدأت كتابة مقالات عن مصداقية الانترنت [25] ، وتوقفت عند مصداقية الإعلام الاجديد [26] وسأتبعه بالإعلام الاجتماعي.

وختاما أقول: “في الإعلام الاجتماعي نحن نرى الأشياء من خلال الأشخاص”، وأنَّ هناك الكثير لنتحدث عنه ونتعلمه ونتقنه، ولعل انتقال عملي المهني منذ مطلع العام لمجال الإعلام الجديد جعلني أستغرق أشهرا في البحث عنه وعن الإعلام الاجتماعي، وأرجو أن يكون حافزا للإلهام والإبداع العربي ليبرز في كوادره وحواضره ومؤسساته، ولنشر الثقافة والمعرفة بأعلى مستوياتها المهنية والتقنية والأخلاقية، بأرقى أدبيات اللغة العربية، وما أجمل أبيات ابن الوردي في لاميته:

واهجر النومَ وحصِّلهُ فمَنْ يعرفِ المطلوبَ يحقِر ما بَذلْ
لا تقُــلْ قد ذهبت أربابُــهُ كُلُّ من سارَ على الدربِ وصلْ
في ازديادِ العلمِ إرغامُ العِدا وجمالُ العلمِ إصلاحُ العملْ