- سقاف . كوم - http://www.saqaf.com -

ثقافة نقل المواضيع

[1]

منذ بدأت الكتابة على الانترنت أوائل العام 1421هـ وأنا أجد مساحة لبسط الأفكار واكتساب المزيد من المعارف والمهارات والخبرات، سيما مع اتساع رقعة الشبكة العنكبوتية في العالم عموما والعربي خصوصا، لم أكن أتفاجأ حين أكتب مقالا ما أو خاطرة أجدها لاحقا في عدد من المواقع وربما تصلني بعد فترة على بريدي مع بعض التعديلات إما من دون اسم للكاتب أو باسم جديد، لكن الذي دفعني للكتابة هنا أمر مختلف عن مجرد التعريف وتحليل الأسباب..

نظرة عامة

لم أكن لأكتب مقالتي على الرغم من أن هذه الفكرة دارت في ذهني منذ فترة طويلة، ولكني تفاجأت بشخص كتب أبياتا شعرية لأحد الشعراء العريقين، وكتب في مقدمة موضوعه: هذه آخر أشعاري أرجو أن تعجبكم!! يا إلهي 🙂
قرأت منذ فترة في موقع أبونواف [2] موضوعا كتحليل رقمي داخل محرك البحث قوقل [3]، حول النقل في المواقع العربية وتحديدا عبارة: منقول على الرابط [4]، أعتقد أن هذه النسبة قد زادت حاليا، كما قرأت العديد من المواضيع والتحليلات حول ظاهرة نقل المواضيع بمختلف صورها وأسبابها.
والنقل أوسع من مجرد نقل المواضيع وإن كان قد تطور مع التقنية الحديثة، وبشكل عام فإنا نقصد الفكرة في أصلها: نقل نتيجة جهد وعمل شخص ما سواء تم الإشارة لصاحبه أو المصدر أم لم تتم، وإذا وسعنا الدائرة فإنا سنتحدث على مستوى الجهود العامة ومنجزات الحضارات ومفاهيمها وثقافاتها الخاصة.. مهلا مهلا دعونا نعود لموضوعنا.

ثقافة المنتديات

دائما ما أقول أن المنتديات تبرز ثقافة ووعي المشاركين فيها، فما هي إلا المساحة التي تفرز ما بداخلهم وتبدي ما في كوامنهم، وإن صح التعبير فهي صورة انعكاسية. والجزئية التي تعنينا هنا:

1. سياسة الكم لا الكيف: والتي تتبع لمبدأ كلما زادت مشاركاتك ومواضيعك كلما زاد مركزك ورتبتك، وكلما كنت مثابرا أكثر حصدت ألقابا أكثر، وأصبح هذا العضو مستشارا وقريبا سيصبح فلتة زمانه.

2. سياسة الحصر والتقييد: ممنوع أن تضع رابطا لمواقع خارجية، وإذا أردت أن يكون يومك الأخير ضع رابطا لمنتدى آخر، نحن كل شيء وغيرنا لاشيء.

نظرة وتجربة إيجابية

لا أنكر أو أنفي الفائدة والحصيلة التي خرجت بها أو خرج بها غيري من المنتديات، إضافة للتعرف بأشخاص مميزين ذوي فكر وخبرات عالية، كما وأنها أسهمت بقصد أو دون قصد في تطوير نوع من الثقافة العامة التقنية والحاسوبية، وهنا أذكر تجربتي الخاصة مع المنتديات:
* سمحنا في البداية للأعضاء أن يضعوا روابط لمصادر مواضيعهم، ولكن مع الوقت وجدنا البعض يقوم باستغلال ذلك لعمل دعاية لموقع ما، ودار نقاش حول ذلك ومع ذا كان رأي المدير العام بالسماح لهم: “إن كان موقعهم أفضل فالأولى أن تذهب الناس إليه، وإن كنا الأفضل فسيعودون إلينا” وفعلا حصل ذلك.
* أيضا بإمكان الزوار تصفح المواضيع بل وتحميل المرفقات دون الحاجة للتسجيل لأننا أردنا أن يكون المنتدى مصدرا مفتوحا، وكان كذلك بفضل الله.

تطوير ثقافة نقل المواضيع

والهدف هنا تفهم تعلم أسلوب مثالي في النقل وتطويره، إضافة لتفهم فوائد وثمار الإشارة للمصدر حين النقل، والأهم من ذلك كله وضع آلية سلسة لتطوير الكاتب نفسه أثناء النقل.

لماذا نشير إلى المصدر؟

  1. تلافي الأخطاء: إملائية أو في المعلومة، لتسهيل تصويبها متى عرف المصدر.
  2. استمرارية التطوير: بالتواصل مع صاحب الفكرة وتطوير شكلها أو مضمونها.
  3. تلاقح الأفكار: بإثراء النقاشات ووجهات النظر والخبرات مع الكاتب لا مع الناقل.
    – واقع: تكتب موضوعا ثم ينقله شخص دون المصدر، ويسأله أحدهم أو يضع مداخلة وينتظر رده فلا يجد منه سوى: شكرا على مداخلتك.
  4. الاعتراف بالفضل: كنوع من الشكر والعرفان والتقدير لمن بذل هذا الجهد، و “من لم يشكر الناس لا يشكر الله“.
  5. تعزيز الثقة: إعطاء الانطباع بدقة وأمانة ومصداقية النقل بتوثيق المصادر.
  6. حفظ الحقوق: وهو موضوع طويل من النواحي الدينية والقانونية أكتفي هنا بالإشارة له ذوقيا.
    – من الواقع: بينما كنت أبحث وجدت من أسقط جميع حقوق كتابته، الأخ عبدالله المهيري المعروف بسردال [5] كتب “جميع الحقوق غير محفوظة” على الرابط [6]، في موضوع آخر أشار الأخ رشيد قبل عامين تقريبا في مدونته إلى استيائه الشديد ممن ينقلون المواضيع على الرابط [7]، ووضع طريقة لوضع عنوان الموقع على الصور حتى لا يتم التعديل عليها، الشاهد هنا: أن الأخ رشيد [8] أصبح لا يضع حتى عنوان موقعه على صور مواضيعه في الفترة الأخيرة 🙂
  7. رفع مستوى المحتوى: إذا أشار كل شخص إلى المصدر الأساسي لمن أبدع واجتهد، هذا سيحفز الآخرين للابتكار والإبداع والإنتاج حتى لايتم تجاهلهم، أنتَِ تنقل.. شكرا لك، أنتَِ مبدع.. أهلا بك، وعلى مدى سنوات قليلة سيرتفع مستوى المحتوى العربي على الشبكة.
  8. دعم المواقع: المواقع غير العربية تحظى بترتيب أعلى وتقييم عام أفضل كمرجع موثوق وحتى على مستوى محركات البحث، لأن الكل يشير إليها من نفس مجتمعها، وإذا تم الأمر ذاته بين المواقع العربية بشكل صحيح، ستظهر النتائج خلال فترة بسيطة.

نقل بأسلوب مطور

  1. لماذا تنقل؟: فكر ما الذي دفعك لنقل الموضوع، محتواه العلمي، فكرته الجميلة، لامس جانبا من حياتك، الإخراج العام، استفدت منه، وهكذا اجعل هذا الدافع في عبارات لتكون مقدمة لك عندما تنقل، وهذه أول خطوة لتطوير أسلوب النقل.
  2. فتش فيمن حولك: عن خبراتهم حول الموضوع ذاته، آرائهم الشخصية وتجاربهم، المعلومات التي لديهم، ضعها بعد المقدمة أو قبل الخاتمة أو بعد الفقرة المناسبة لها من الموضوع وهذه الأفضل برأيي.
  3. ابحث في المراجع: كتبك التي تتحدث عن الموضوع ذاته، وفي محركات البحث عبر الشبكة العنكبوتية.
  4. رأيك وانطباعك: ضع إضافتك وبصمتك الخاصة من موقف شخصي أو تأثير الموضوع أو مدى فائدته لك أو ما الذي ستفعله بعد قراءة الموضوع، واجعلها في الخاتمة.
    – مثال: كنت تقرأ موضوعا متميزا عن التمارين المنزلية، ستضع خاتمة: وبالنسبة لي أجد أني بحاجتها وكخطوة عملية سأبدأ بالتمرين الأول والثالث.. وهكذا.

ماذا تنقل إذا أعجبك الموضوع؟

  1. الإشارة برابط: هذا سيفيدك على تطوير قدرتك على تلخيص وتفهم فكرة موضوع بأكمله في بضع كلمات، سيعود ذلك عليك بالنفع تدريجيا في تعزيز قدرتك على القراءة التحليلية.
  2. اقتباس الفكرة: هذا سيفيدك على رفع قدرتك في القراءة الناقدة، وازدياد الدافع للبحث والمعرفة،وإعادة صياغتها في قالب من وجهة نظرك وأسلوبك الخاص.
  3. اقتباس عبارة أو عبارات: إذا أعجبتك عبارة بعينها، انقلها وضعها بين علامتي تنصيص ” ” أو أقوأس ( ) إشارة لكونها مقتبسة، إذا كانت العبارة تعنيك أكثر من الموضوع.
  4. اقتباس جزئية أو كامل النص: وهنا اتبع الخطوات في الفقرة السابقة، وستجد أنك مع مرور الوقت تقل نسبة ما تنقله إلى ما تكتبه وتبدعه.
  5. تطوير الشكل والعرض: ابحث عن الفنان الذي بداخلك تعلم الإبداع بالفرشاة ولون فيما تنقله، وإن كنت فنانا مبدعا فلا تلوح بفرشاتك في الهواء ولترسم على لوحة بيضاء لتخرجها تحفة فنية واقعية يراها الجميع لا مجرد أفكار في ذهنك.
    – مثال: قامت الأخت طموح أنثى [9] بتطوير مقالات دورة صناعة الأهداف [10] التي كتبتها، وجعلتها في قالب مجلة على الرابط [11].

موضوعي منقول؟

ألا ترون أني اقتبست الفكرة، ووضعت تجربتي الخاصة، وأشرت لعدد من الروابط، واقتبست عبارات من مواضيع أخرى، وأضفت فكرتي الخاصة ورؤيتي للموضوع، وقمت بدلا من طرح الأسباب عن ظاهرة النقل دون الإشارة للمصدر والحديث عن الملكية الفكرية [12]، إلى رؤية أوسع لتطوير فكر من يكتب ومن ينقل وتفهم الفكرة من أساسها حول فوائد الإشارة للمصدر، حتى وصلنا إلى تطوير محتوى المواقع العربية من مجرد فكرة “منقول” توضع في نهاية المقال ولكن بأسلوب واستراتيجية مختلفة تماما.

– تعقيب: ردا على رسائل وصلتني بالبريد تعقيبا على ما نشرته في موضوعي السابق [13] لمن ينقل دون الإشارة إلى المدونة، أن سقاف.كوم [14] مصدر معلوماتي معرفي مفتوح للجميع، وأسمح بالنقل كيفما شئتم وإلا ما كنت كتبت على الشبكة ماعدا إن اشترطت ذلك، ولعلي أكتب ذلك بشكل واضح في صفحة مستقلة على المدونة.

أرجو أن يكون مقالي قد أفادكم، ومن أنا وما أكون في هذا الكون الواسع، وضمن كل أولئك البشر منذ بدء الخليقة، وماقدموه وبذلوه، والفضل لله بدءا وانتهاءا، (إن أريدُ إلا الإصلاحَ ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلتُ وإليه أنيب) 88 سورة هود.
محمد السقاف